فصل: وفاة عضد الدولة وولاية ابنه صمصام الدولة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة عضد الدولة وولاية ابنه صمصام الدولة.

ثم توفي عضد الدولة في شوال سنة اثنتين وسبعين لخمس سنين ونصف من ملكه واجتمع القواد والأمراء عل ولاية ابنه كاليجار المرزبان وبايعوه ولقبوه صمصام الدولة وجاءه الطائع معزيا في أبيه وبعث أخويه أبا الحسين أحمد وأبا طاهر فيروز شاه فانتفض أخوهم شرف الدولة بكرمان في فارس وسبق إليها أخويه وملكها وأقاما بالأهواز وقطع خطبة صمصام الدولة أخيه وخطب لنفسه وتلقب تاج الدولة وبعث إليه صمام الدولة عسكرا صحبة علي بن دنقش حاجب أبيه وبعث شرف الدولة عسكره مع الأمير أبي الأغر دفليس بن عفيف الأسدي والتقيا عند قرقوب فانهزم ابن دنقش في ربيع سنة ثلاث وسبعين وأسر واستولى أبو الحسن على الأهواز ورامهرمز وطمع في الملك ثم إن أسفار بن كردويه من أكابر الديلم قام بدعوة شرف الدولة ببغداد سنة خمس وسبعين واستمال كثيرا من العسكر واتفقوا على ولاية أبي نصر بن عضد الدولة نائبا عن أخيه شرف الدولة وراسلهم صمصام الدولة في الرجوع عن ذلك فلم يزدهم إلا تماديا وأجابه فولاد بن مابدرار أنفة من متابعة أسفار وقاتله فهزمه وأخذ أبا مضل أسيرا وأحضره عند أخيه صمصام الدولة واتهم وزيره ابن سعدان بمداخلتهم فقتله ومضى أسفار إلى أبي الحسين بن عضد الدولة وباقي الديلم إلى شرف الدولة وسار شرف الدولة إلى الأهواز فملكها من يد أخيه الحسين ثم ملك البصرة من يد أخيه أبي طاهر وراسله صمصام الدولة في الصلح فاتفقوا على الخطبة لشرف الدولة بالعراق وبعث إليه بالخلع والألقاب من الطائع.

.نكبة صمصام الدولة وولاية أخيه شرف الدولة.

لما ملك شرف الدولة من يد أخيه أبي طاهر سار إلى واسط فملكها وعمد صمصام الدولة إلى أخيه أبي نصر وكان محبوسا عنده فأطلقه وبعثه إلى أخيه شرف الدولة بواسط يستعطفه به فلم يلتفت إليه وجزع صمصام الدولة واستشار أصحابه في طاعة أخيه شرف الدولة فخوفوه عاقبته وأشار بعضهم بالصعود إلى عكبرا ثم منها إلى الموصل وبلاد الجبل حتى يحدث من أمر الله في فتنة بين الأتراك والديلم أو غير ذلك ما يسهل العود وأشار بعضهم بمكاتبة عمه فخر الدولة والمسير على طريق أصبهان فيخالف شرف الدولة إلى فارس فربما يقع الصلح على ذلك فأعرض صمصام الدولة عن ذلك كله وركب البحر إلى أخيه شرف الدولة فتلقاه وأكرمه ثم قبض عليه لأربع سنين من إمارته وسار إلى بغداد في شهر رمضان من سنة ست وسبعين فوصلها وأخوه صمصام الدولة في اعتقاله واستفحل ملكه واستطال الديلم على الأتراك بكثرتهم فإنهم بلغوا خمسة عشر ألفا والأتراك ثلاثة آلاف ثم كثرت المنازعات بينهم وعض الديلم وقتلوا منهم وغنموا أموالهم وسار بعضهم فذهب في الأرض ودخل الآخرون مع شرف الدولة إلى بغداد وخرج الطائع لتلقيه وهنأه وأصلح شرف الدولة بين الفريقين وبعث صمصام الدولة إلى فارس فاعتقل بها واستوزر شرف الدولة أبا منصور بن صالحان.

.ابتداء دولة باد وبني مروان بالموصل.

قد تقدم لنا أن عضد الدولة استولى على ملك بني حمدان بالموصل سنة سبع وستين ثم استولى على ميافارقين وآمد وسائر ديار بكر من أعمالهم وعلى ديار مضر أيضا من أعمالهم سنة ثمان وستين وولى عليها أبا الوفاء من قواده وذهب ملك بني حمدان من هذه النواحي وكان في ثغور ديار بكر جماعة من الأكراد الحميدية مقدمهم أبو عبد الله الحسين بن دوشتك ولقبه باد وكان كثير الغزو بتلك البلاد وإخافة سبلها وقال ابن الأثير حدثني بعض أصدقائنا من الأكراد الحميدية أن اسمه باد وكنيته أبو شجاع وأن الحسين هو أخوه وأن أول أمره أنه ملك أرجيش من بلاد أرمينية فقوي ولما ملك عضد الدولة الموصل حضر عنده وهم بقبضه ثم سأل عنه فافتقده وكف عن طلبه فلما مات عضد الدولة استفحل أمره واستولى على ميافارقين وكثير من ديار بكر ثم على نصيبين وقال ابن الأثير: سار من أرمينية إلى ديار بكر فملك ثم ميافارقين وبعث صمصام الدولة إليه العساكر مع أبي سعيد بهرام بن أردشير فهزمهم وأسر جماعة منهم فبعث عساكر أخرى مع أبي القاسم سعيد بن الحاجب فلقيهم في بلد كواشى وهزمهم وقتل منهم وأسر ثم قتل الأسرى صبرا ونجا سعيد إلى الموصل وباد في اتباعه فثاربه أهل الموصل نفورا من سوء سيرة الديلم فهرب منها ودخل باد وملك الموصل وحدث نفسه بالمسير إلى صمصام الدولة ببغداد وانتزاع بغداد من يد الديلم واحتفل فيه ولقيهم باد في صفر من سنة أربع وسبعين فهزموه وملكوا الموصل ولحق باد بديار بكر وجمع عليه عساكر وكان بنو سيف الدولة بن حمدان بحلب قد ملكها معهم سعد الدولة ابنه بعد مهلكه فبعث إليه صمصام الدولة أن يكفيه أمر باد على أن يسلم إليه ديار بكر فبعث سعد الدولة إليه جيشا فلم يكن لهم طاقة وزحفوا إلى حلب فبعث سعد الدولة من اغتاله في مرقده بخيمته من البادية وضربه فاعتل وأشفى على الموت وبعث إلى سعد وزياد الأميرين بالموصل فصالحهما على أن تكون ديار بكر والنصف من طور عبدين لباد ورجع زياد إلى بغداد وهو الذي جاء بعساكر الديلم وانهزم باد أمامه ثم توفي سعد الحاجب بالموصل سنة سبع وتسعين فتجدد لباد الطمع في ملكها وبعث شرف الدولة على الموصل أبا نصر خواشاذه فدخل الموصل واستمد العساكر والأموال فأبطأت عنه فدعا العرب من بني عقيل وبني نمير وأقطعهم البلاد ليدافعوا عنها واستولى باد على طور عبدين وأقام بالجبل وبعث أخاه في عسكر لقتال العرب فانهزم وقتل وبينما خواشاذه يتجهز لقتال باد جاءه الجند بموت شرف الدولة ثم جاء أبو إبراهيم وأبو الحسين ابنا ناصر الدولة بن حمدان أميرين على الموصل من قبل بهاء الدولة وبقيت في ملكهما إلى سنة إحدى وثمانين فبعث بهاء الدولة عسكرا مع أبي جعفر الحجاج بن هرمز فمكلها وزحف إليه أبو الرواد محمد بن المسيب أمير بني عقيل فقاتله وبالغ في مدافعته واستمد بهاء الدولة فبعث إليه الوزير أبا القاسم علي بن أحمد وسار أول سنة اثنتين وثمانين وكتب إلى أبي جعفر بالقبض عليه بسعاية ابن المعلم وشعر الوزير بذلك فصالح أبا الرواد ورجع ووجد بهاء الدولة قد قبض على ابن المعلم وقتله.